الضوء غير المرئي (الأشعة فوق البنفسجية)
هو شكل غير مرئي من الضوء. وتقع هذه الأشعة، مباشرة، بعد النهاية البنفسجية للطيف المرئي. والشمس هي المصدر الطبيعي الرئيسي للأشعة فوق البنفسجية، التي تنبعث، كذلك، من الصواعق أو من أي شرارة كهربائية أخرى في الهواء. ويمكن توليد هذه الأشعة صناعياً، بإمرار تيار كهربائي من خلال غاز أو بخار، مثل بخار الزئبق.
ويمكن أن تسبِّب الأشعة فوق البنفسجية حروقاً شمسية. كما أن التعرُّض الزائد لهذه الأشعة، قد يسبب سرطان الجلد. ومن ناحية أخرى، فإن الأشعة فوق البنفسجية تُحطِّم الكائنات الحية الضارة، ولها تأثيرات مفيدة أخرى.
والأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية، هي أقصر من نظيرتها في الضوء المرئي. والطول الموجي، أي المسافة بين قمتَين متتاليتَين للموجة، يقاس، عادة، بوحدات، تُسمى نانومترات، يساوي النانومتر واحداً من المليون من المليمتر. وتراوح الأطوال الموجية للضوء المرئي، بين 400 و700 نانومتر، بينما تمتد الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية من 1 إلى نحو 400 نانومتر.
وعند إضاءة مادة ما بالأشعة فوق البنفسجية، فإن مدى امتصاص الأشعة في المادة، أو النفاذ منها، يحدده الطول الموجي للأشعة. فعلى سبيل المثال، الأشعة فوق البنفسجية ذات الأطوال الموجية الكبيرة، يمكنها النفاذ من خلال زجاج النوافذ العادي. ويمتص الزجاج الأشعة فوق البنفسجية، ذات الأطوال الموجية الأقصر؛ مع أن هذه الأشعة، يمكنها أن تنفذ من خلال مواد أخرى.
* * * *
استعمالات الأشعة فوق البنفسجية
تُعَدّ الأشعة فوق البنفسجية، التي تقصر أطوالها الموجية عن 300 نانومتر، فعالة في قتل البكتريا والفيروسات. وتستعمل المستشفيات مصابيح مبيدة للجراثيم، تولِّد هذه الأشعة القصيرة، لتعقيم الأجهزة الجراحية، والمياه، والهواء في غرف العمليات. كذلك، يستخدم كثير من شركات المواد الغذائية والأدوية، هذه المصابيح، لتطهير الأنواع المختلفة من المنتجات وعبواتها.
ويؤدي التعرُّض المباشر للأشعة فوق البنفسجية، التي تقصر أطوالها الموجية عن 320 نانومتراً، إلى توليد فيتامين د (d) في الجسم البشري. واستخدم الأطباء، ذات مرة، المصابيح الشمسية، التي تولِّد الأشعة فوق البنفسجية، لمنع كساح الأطفال ومعالجته؛ ذلك المرض الذي يصيب العظام نتيجة نقص فيتامين د (d) وتُستخدم هذه المصابيح، اليوم، في معالجة بعض الاضطرابات الجلدية، مثل حبُّ الشَّباب والصدفية.
ويستعمل بعض أجهزة الأشعة فوق البنفسجية، لتعرّف التركيب الكيماوي للمواد المجهولة. ويستخدم الباحثون من الأطباء هذه الأجهزة، لتحليل بعض المواد في الجسم البشري، بما في ذلك الأحماض الأمينية والإنزيمات والبروتينات الأخرى. وفي صناعة الإلكترونيات، تُستخدم الأشعة فوق البنفسجية، ضمن مراحل صناعة الدوائر المتكاملة.
* * * *
التأثيرات الضارة
الأشعة فوق البنفسجية، الصادرة عن الشمس، التي تقصر أطوالها الموجية عن 320 نانومتراً ـ هي ضارة بالكائنات الحية خاصة. فالتعرض الزائد لها، يمكن أن يسبب تهيجاً مؤلماً للعين، أو التهاباً. وتقي العين من هذه الأشعة النظارات الشمسية، العالية الجودة. كما يسبب التعرض الزائد لها حروقاً مؤلمة. ويوفر الملانين (القتامين)، وهو خضاب بنّي اللون في الجلد، بعض الوقاية ضد الحروق الشمسية. وتمتص الغسولات الحاجبة للشمس، تلك الأشعة الحارقة.
والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، لمدة طويلة، يمكن أن يؤدي إلى سرطان جلدي، وإلى تغيُّرات أخرى في الخلايا البشرية. كما يمكن أن يؤدي، كذلك، إلى تدمير النباتات أو قتلها. ويمتص غاز الأوزون، وهو واحد من صور الأكسجين، في طبقات الجو العليا، معظم إشعاع الشمس فوق البنفسجي؛ ولولاه لربما دمرت الأشعة فوق البنفسجية، معظم الحياة، الحيوانية والنباتية.
* * * *
الأبحاث العلمية
تنشأ الأشعة البنفسجية داخل ذرات كل العناصر. وبدراستها يتعرَّف العلماء إلى بِنْيَة الذرات، ونسبة مستويات الطاقة فيها. كما يتعرَّف الخبراء إلى النجوم والمجرَّات البعيدة، من طريق تحليل الأشعة فوق البنفسجية، الصادرة عنها.
وتناولت أبحاث كثيرة دور الأشعة فوق البنفسجية، في التفاعلات الكيماوية، التي تؤدي إلى إنهيار أو تأكُّل طبقة الأوزون الواقية للأرض؛ مما يقلّل فاعليتها، كمانع أو حاجز لتلك الأشعة.
وتشير التجارب إلى أن النحل والفراش، وحشرات أخرى، يمكنها رؤية الضوء فوق البنفسجي؛ فانعكاس الأشعة فوق البنفسجية من الأجنحة، يُظهر أنماطاً، تساعد الحشرات على تعرّف أقرانها.